البلاد العربية متباينة جدًا في طبيعتها الجغرافية حيث إنها تغطي مساحات شاسعة في قارتي آسيا وإفريقيا. والمناطق الجافة الصحراوية تمثّل نسبة كبيرة، في أراضيها؛ فهي لذلك لا تصلح إلا
للمرعى. فالرعي وتربية الحيوانات والاستفادة من منتجاتها (اللحوم والألبان) جزء لا يتجزأ من حياة سكان وقبائل البلاد العربية، ولذلك نجد أن الإنتاج الحيواني من الدعامات الأساسية في
اقتصاد معظم البلدان العربية. ونتيجة للاختلافات الجغرافية والبيئية تختلف كذلك أنواع الحيوانات التي يقوم بتربيتها سكان كل منطقة في الوطن العربي.
يرجع تاريخ تربية الأبقار في البلاد العربية إلى عصور قديمة قدم الحضارات التي قامت في المنطقة، فقد وجدت آثار الأبقار في مخلفات فراعنة مصر والأحافير التي وجدت في المنطقة وبينت
الرسومات أيضًا استخدامات الأبقار في إنتاج الألبان واللحوم وكذلك الاستفادة منها في العمل في الزراعة. أما في منطقة الشام فقد جاء القرآن الكريم بالوصف البليغ لبقرة بني إسرائيل في
سورة البقرة، مبينًا شكلها ولونها وحالها.
وبسبب تباين المناطق الجغرافية أيضًا فقد اختلفت سلالات الأبقار في كل منطقة وكذلك طرق وأساليب تربيتها. وسلالات الأبقار البلدية أو المحلية قليلة الإنتاج للحوم أو الحليب، ولذلك نجد أن
جميع الأقطار العربية اتجهت لاستيراد السلالات المشهورة عالميًا في إنتاج الحليب أو اللحوم لتحسين نسل سلالاتها المحلية خاصة بعد استخدام طرق التلقيح الصناعي التي يسرت عملية
التهجين. وقد استخدمت هذه الأقطار ـ أيضًا ـ الطرق الحديثة لتربية الأبقار فأنشأت المزارع الكبيرة التي تستخدم أحدث الأساليب العلمية في التربية.
تشتمل هذه المقالة على وصف لبعض السلالات المحلية أو البلدية في المناطق الجغرافية المختلفة في البلاد العربية.
الأبقار في المملكة العربية السعودية:. قامت شركات القطاع الخاص الكبيرة والمتخصصة في إنتاج الألبان أو اللحوم في المملكة العربية السعودية، بتشجيع ودعم سخي من قبل الحكومة، بإنشاء العديد من المزارع المتخصصة في
إنتاج الألبان. فبلغ عدد ما ترعاه من أبقار حوالي 306 آلاف رأس من أفضل السلالات العالمية مثل: الفريزيان والجيرسي وغيرهما، وتربى في مزارع مزودة بأفضل الطرق التقنية والعلمية في
مجال تربية الأبقار.
الأبقار في مصر.: هي خليط من مجموعة سلالات مثل السلالة الهندية ذات السنام والإفريقية ضخمة التكوين والعظام، وكذلك اختلطت هذه السلالات حديثًا بالسلالات الأوروبية.
تختلف الأبقار المصرية في ألوانها، رغم أنه يغلب عليها اللون الأصفر الرملي، ونجدها عديمة القرون أو ذات قرون صغيرة، وهي حيوانات عمل أكثر منها إنتاجًا للحليب أو اللحوم؛ وهي لذلك ذات
صبر وجلد على العمل وسلسة القياد وهادئة الطبع. جرى العرف على تسمية الأبقار المصرية بأسماء مختلفة مثل الدمياطي و المنوفي أو البلدي و الصعيدي والبحيري و المنزلاوي ، وهي
ليست سلالات بالمعنى المفهوم إذ لا توجد سلالة نقية وإنما هي خليط. ويمكن تقسيم السلالات المصرية إلى الأقسام التالية:
الدمياطي: أبقار هذا القسم تعتبر أقل الأبقار حجمًا وإنتاجها من الحليب يعتبر مرتفعًا ـ 4000 رطل في العام ـ ونسبة الدهن 5% وهي أبقار الحليب الأولى في مصر إلا إن عددها قليل.
المنوفي أو البلدي: هي أبقار العمل الأولى فهي أكبر حجمًا من الدمياطي وأقل إدرارًا للحليب.
الصعيدي: تسمى بهذا الاسم أبقار الوجه القبلي وهي صغيرة الحجم ويعتقد أنها قابلة للتسمين رغم أن إدرارها للحليب يعتبر جيدًا.
الصحراوي: وهي دائمًا هزيلة لقلة الغذاء ولا تصلح للعمل أو إنتاج الحليب.
تربى الأبقار في مصر فرادى حيث يمتلك المزارع عددًا قليلا وذلك بسبب ندرة الأراضي التي تصلح مراعي للحيوانات.
الابقار في السودان:. تشمل سلالات متعددة مثل: أبقار الكنانة وأبقار البطانة وأبقار البقارة والأبقار النيلية وأبقار قبائل التبوسا والمورل وأبقار النوير وأبقار أمبرارو والفلاشي .
أبقار الكنانة. تربى هذه الأبقار في منطقة النيل الأزرق وأواسط السودان وتوجد منها مجموعتان إحداها كبيرة الحجم والأخرى صغيرة. وأبقار الكنانة لونها عمومًا رمادي وأبيض فضي ويكون غامقًا
ناحية الأطراف. شعر الأبقار دقيق وقصير والجلد رقيق. للإناث والذكور سنام ولكن، سنام الذكور أكبر، وتعتبر أبقار الكنانة من ماشية الحليب، فهي تعطي 3000 - 5000 رطل من الحليب لمدة
250 يومًا وبنسبة دهن 5%.
أبقار البطانة. تتشابه هذه السلالة مع سلالة أبقار الكنانة وتماثلها في الحجم إلا إن لون أبقار البطانة أحمر ويعتقد أنهما ينتميان إلى سلالة واحدة ولكن لا توجد أدلة كافية وقاطعة، كذلك الأبقار
قصيرة القرون وحمراء اللون وتربى هذه الأبقار في أواسط السودان وهي أبقار مزدوجة الاستخدام (الحليب واللحوم).
تربى أبقار الكنانة والبطانة في مجموعات صغيرة في المزارع أو فرادى ولكنها غالبًا تكون في مجموعات كبيرة وقطعان معتمدة على الرعي.
أبقار التبوسا والمورل. تربى هذه الأبقار في منطقة الاستوائية وأعالي النيل في جنوب السودان وهي ماشية تملكها قبائل غير مستقرة، أو متنقلة. وتختلف طرق الرعاية وأساليب تربية الحيوان
عند كل قبيلة. تربى الأبقار في قطعان كبيرة ويعتبرها زعماء القبائل دليلاً للثروة والجاه ويتبادلونها في مناسباتهم الخاصة مثل الزواج وغيره. هذه الأبقار ذات جسم طويل وقرونها متوسطة
الطول، والسنام دهني ويوجد في آخر الرقبة أكثر منه فوق الكتف. معظم الأبقار لونها فاتح وتوجد أيضًا أبقار سوداء ذات بقع بيضاء. وتدل الأبحاث وبعض التقارير على أن إنتاجها من الحليب يتراوح
بين 900 إلى 1000 لتر في موسم حليب قدره 255 يوماً.
أبقار النوير النيلية. أبقار لحم جيدة وتربى في أعالي النيل، وهي بنية اللون وسوداء في أجزاء كبيرة في الأطراف والرأس أبيض اللون، ولها قرون متوسطة وسنام كبير.
أما البقارة في غرب السودان فهم رعاة ماشية محترفون ويتبعون الأبقار في رحلة إلى المراعي الغنية في منطقة أعالي النيل في موسم الجفاف في منطقتهم في وسط غرب السودان، ثم
يعودون إلى الشمال بقطعانهم في موسم الخريف وتوافر المرعى في منطقتهم. أبقار البقارة يستفاد منها في إنتاج الحليب ومشتقاته واللحوم، ويستخدمونها في نقل أمتعتهم أثناء ترحالهم
طلبًا للمرعى. وهي ذات قرون كبيرة.
الأبقار في ليبيا:. الأبقار الليبية منحدرة من الأبقار عديمة السنام وهي قصيرة القرون وصغيرة الحجم ولونها يتراوح بين الأسود والبني الفاتح والأحمر. الشعر ناعم ولامع في الصيف، وفي الشتاء يكون الشعر
خشنًا. الأبقار في ليبيا لا تربى في مجموعات أو أعداد كبيرة بل غالبًا تربى بحالة فردية عند الأعراب حيث يمتلك المزارع الليبي ما بين رأس إلى رأسين من الأبقار.
الأبقار في تونس والمملكة المغربية والجزائر. يسود فيها غالبًا نوع أبقار جبال الأطلسي والتي يختلف لونها حسب المنطقة فهي في الجزائر وتونس رمادية اللون ولونها غامق عند الأكتاف والعنق
والرأس والأرجل. أما في المملكة المغربية فهي داكنة اللون وشعرها قصير وكذلك القرون. ولا يوجد بها سنام. وهي جيدة الإدرار للحليب، فهي تعطي 8 لترات حليب يوميًا في الجزائر ونسبة
الدهن 4% خلال الشهرين التاليين للولادة. أما إنتاجها في المملكة المغربية فيبلغ 12 لترًا في اليوم وهو مرتفع عما تنتجه في الجزائر.
الأبقار في موريتانيا: من نوع التريبو، أي ذوات السنام، وأهم سلالاتها البلهو والمور وتستخدم الذكور في إنتاج اللحوم وفي العمل. والإناث إنتاجها من الحليب قليل إلا إن كمية الحليب المنتج تفيض عن حاجة
السكان نسبة لكثرة عدد الأبقار وقلة السكان. وتعتمد تربية الأبقار على المراعي الطبيعية المتوافرة طوال العام في موريتانيا حول نهر السنغال.
الأبقار في الصومال. من نوع التريبو ذات السنام شأنها شأن سلالات الأبقار في المناطق الحارة، ومن أهمها أبقار الجيدو. لون الأبقار يميل إلى الأبيض وأحيانًا تكون غامقة اللون وهي متعددة
الاستخدام للحليب واللحوم والعمل. ومتوسط إنتاج الإناث من الحليب حوالي 2100 رطل في موسم الحليب أما السلالة الأخرى ـ وهي أقل انتشارًا ـ فهي أبقار البوران وتربى أساسًا لإنتاج
اللحوم في شمال الصومال وجنوبي أثيوبيا.
الأبقار في العراق:
. توجد بعض سلالات الأبقار مثل الرستاجي والشرابي والكردي والبلدي، وتوجد فروق بين كل هذه السلالات من حيث الحجم ووجود السنام وشكل القرون. أبقار المناطق الجبلية الشمالية تدر
حليبًا وتنتج لحمًا جيدًا وهي متوسطة الحجم وأرجلها قصيرة قوية. أما الأبقار المنتشرة في الألوية المتوسطة والجنوبية فلها سنام صغير وهي من سلالة الزيبو الأحمر الآسيوي ولها قرون قصيرة
وأرجلها طويلة. ويستفاد من الأبقار العراقية في إنتاج الحليب واللحم، وتستخدم في الأعمال الزراعية المختلفة، وتربى فرادى وفي مجموعات صغيرة وبعضها يربى في مراعي الأقاليم الشمالية.
الأبقار في سوريا:
. تشمل ثلاث سلالات هي البلدي (الشامي) والجولاني والعكشي، وهي جميعها منحدرة من الأصل الآسيوي الذي يشتهر بالرأس القصير والجبهة العريضة المستقيمة. سلالة البقر الشامي
تتميز بقرون قصيرة والجبهة مقعرة قليلاً، والأبقار الشامية كبيرة الحجم وعظامها ضخمة إلا أنها غير مناسبة للتسمين وهي بقرة الحليب الأولى في منطقة سوريا، وتنتج ما بين 2500 إلى
3500 لتر في 280 يومًا. وتربى هذه السلالة في المنطقة الواقعة حول حمص وحماة والمنطقة الشمالية مثل قطنا حيث تتوفر الرطوبة والمرعى الغني الأخضر ممايؤدي إلى علو إدرارها للحليب
. لا تلائم هذه الأبقار المناطق الجافة فقيرة المرعى والعلف ولا تصلح للعمل.
البقر العكشي هو أكثر الأبقار عددًا في سوريا وتصل نسبته نحو 75 - 80% من مجموع الأبقار هناك، وهو سلالة تتحمل العيش في المناطق الجافة فقيرة المرعى وقليلة الغذاء. وهو لذلك قليل
الإدرار للحليب ولكنه يصلح للتسمين وإنتاج اللحوم ولا يصلح للعمل لصغر حجمه.
البقر الجولاني يعتقد أنه هجين بين سلالة البقر العكشي والبلدي (الشامي) ولذلك فإن صفاته الإنتاجية وسط بين السلالتين. وهذه السلالة تصلح في المناطق الجافة وتتحمل قلة العلف وسوء
المرعى وإناثها تدر حليبًا قليلاً وتصلح الذكور للعمل
الموضوع الأصلي: الأبقار في الوطن العربي || الكاتب: ننتاز || المصدر: موسوعة طعس العربية
www.t3as.com